الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ الجبرتي المسمى بـ «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» **
قدم مراد بك من ناحية الشرق ودخل في ليلتها من المنهوبات من لجمال والأغنام والأبقار والحواميس وغير ذلك شيء كثير يجل عن الحصر. وفيه سافر أيوب بك إلى ناحية قبلي لمصالحة الأمراء الغضاب وهم مصطفى بك وأحمد بك الكلارجي وعثمان بك الشرقاوي ولاجين بك لأنهم بلغوا قصدهم من البلاد وظلم العباد. وفي منتصف جمادى الثانية حضر عثمان بك الشرقاوي من ناحية قبلي. وفيه أنعم مراد بك على بعض كشافه بفردة دراهم على بلاد المنوفية كل بلد مائة وخمسون ريالًا. وفيه اجتمع الناس بطندتا لعمل مولد سيدي أحمد البدوي المعتاد المعروف بمولد الشرنبابلية وحضـر كاشـف الغربيـة والمنوفيـة علـى جـاري العـادة وكاشـف الغربيـة من طرف إبراهيم بك الوالي المولى أمير الحاج فحصل منه عسف وجعل على كل جمل يباع في السوق المولد نصف ريال فرانسة فأغار أعوان الكاشف على بعض الأشراف وأخذوا جمالهم وكان ذلك في آخر أيام المولد فذهبوا إلى الشيخ الدردير وكان هناك بقصد الزيارة وشكوا إليه مـا حـل بهـم فأمـر الشيخ بعض أتباعه بالذهاب إليه فامتنع الجماعة من مخاطبة ذلك الكاشـف فركـب الشيـخ بنفسـه وتبعـه جماعـة كثيرة من العامة. فلما وصل إلى خيمة كتخدا الكاشف دعاه فحضر إليه والشيـخ راكـب علـى بغلتـه فكلمـه ووبخـه وقـال لـه: أنتم ما تخافون من الله. ففي أثناء كلام الشيخ لكتخدا الكاشف هجم على الكتخدا رجل من عامة الناس وضربه بنبوت فلما عاين خدامه ضـرب سيدهم هجموا على العامة بنبابيتهم وعصيهم وقبضوا على السيد أحمد الصافي تابع الشيخ وضربوه عدة نبابيت. وهاجـت النـاس علـى بعضهـم ووقـع النهـب فـي الخيـم وفـي البلـد ونهبـت عـدة دكاكيـن وأسـرع الشيـخ فـي الرجـوع إلـى محلـه وراق الحـال بعـد ذلـك وركـب كاشـف المنوفيـة وهـو مـن جماعـة إبراهيـم بـك الكبير وحضر إلى كشاف الغربية وأخذه وحضر به إلى الشيخ وأخذوا بخاطـره وصالحـوه ونـادوا بالأمـان. وانفـض المولـد ورجـع النـاس إلـى أوطانهـم وكذلك الشيخ الدرديـر فلمـا استقـر بمنزلـه حضـر إليه إبراهيم بك الوالي وأخذ بخاطره أيضًا وكذلك إبراهيم بك وفـي سابـع عشـرة ركـب حسيـن بـك الشفـت وقـت القائلة وحضر إلى بيت صغير بسوق الماطيين وصحبتـه امـرأة فصعـد إليـه ونقـب فـي حائط وأخرج منه برمة مملوءة ذهبًا فأخذها وذهب وخبر أن هـذا البيـت كـان لرجـل زيـات فـي السنيـن الخاليـة فاجتمـع لديـه هـذه الدنانيـر فوضعهـا في برمة من الفخـار وأفـرج لهـا نقبـًا فـي كتـف الحائـط ووضعهـا فيه وبنى عليها وسواها بالجبس. وكانت هذه المرأة ابنة صغيرة تنظر إليه ومات ذلك الرجل وبيعت الدار بعد مدة ووقفها الذي اشتراها وتداولـت الأعـوام وآل البيـت إلـى وقـف المشهـد الحسينـي وسكنه الناس بالأجرة ومضى على ذلك نحـو الأربعيـن عامـًا وتلـك المـرأة تتخيـل ذلـك فـي ذهنها وتكتمه ولا يمكنها الوصول إلى ذلك المكان بنفسها وقلت ذات يدها واحتاجت فذهبت إلى حريم حسين بك المذكور وعرفتهن القضية وأخبـر الأمير بذلك فقال لعل بعض الساكنين أخذها فقالت لا يعرفها أحد غيري. فأرسل إلى ساكن الدار وأحضره وقال له أخل دارك في غد وانتظرني ولا تفزع من شيء ففعل الرجل وحضـر الصنجـق وصحبته المرأة فأرته الموضع فنقبوه وأخرجوا منه تلك البرمة وأعطي صاحب المكان إحسانًا وركب وصاحب المكان يتعجـب وركـب أيضـًا قبـل ذلـك وذهـب إلـى بيـت رجـل يقـال لـه الشيـخ عبـد الباقـي أبـو قليطـة ليلًا وأخذ منه صندوقًا مودعًا عنده أمانة لنصر ابن شديد البدوي شيخ عرب الحويطات يقال أن فيه شيئًا كثيرًا من الذهب العين وغيره وهجم أيضـًا علـى بيـت بالقرب من المشهد الحسيني في وقت القائلة وكان ذلك البيت مقفولًا وصاحبه غائـب فخلـع الباب وطلع إليه وأخذ منه عشرة أكياس مملوءة ذهبًا وخرج وأغلق الباب كما كان وركـب هـو ومماليكـه والأكيـاس فـي أحضانهم على قرابيس سروج الخيل وهو بجملتهم يحمل كيسًا أمامه والناس تنظرهم. وفـي هـذا الشهـر ثقـب الشطـار حاصـلًا فـي وكالـة المسايـرة التـي ببـاب الشعريـة وكـان بظاهر الحاصل المذكـور قهـوة متخربـة فتسلـق إليهـا بعض الحرامية ونقبوا الحاصل وأخذوا منه صندوقًا في داخله اثنـا عشـر ألـف بندقـي عنهـا ثلاثـون ألـف ريـال فـي ذلـك الوقـت وفيـه مـن غير جنس البندقي أيضًا ذهـب ودراهم وثياب حرير وطرح النساء المحلاوي التي يقال لها الحبر. وبعد أيام قبضوا على رجليـن أحدهمـا فطاطـري والآخـر مخللاتـي بتعريـف الخفراء بعد حبسهم ومعاقبتهم فأخذوا منهما شيئًا واستمرا محبوسين. وفـي عشرينـه حضـر أيـوب بك ولاجين بك وأحمد بك من ناحية قبلي ودخلوا بيوتهم بالمنهوبات والمواشي وتأخر مصطفى بك. وفـي يوم الثلاثاء سابع عشرينه هبت رياح عاصفة جنوبية نسفت رمالًا وأتربة مع غيم مطبق وأظلم منها الجو واستمرت من الظهر إلى الغروب. وفـي غـرة شهـر رجـب عـزم مـراد بـك علـى التوجـه إلـى سـد خليـج منوف المعروف بالفرعونية وكان منـذ سنيـن لـم يحبـس واندفع إليه الشرقي حتى تهور وشرق بسببه بحر دمياط وتعطلت مزارع الأرز. وفيه وصلت الأخبار من ثغر الإسكندرية بأنه ورد إليها مركب البيليك وذلك على خلاف العادة وذلك أن مراكب البيليكات لا تخرج إلا بعد روز خضر ثم حضـره عقيبـه أيضـًا قليـون آخـر وفيـه أحمـد باشـا والـي جـدة ثـم تعقبهمـا آخـر وفيـه وغلال كثيرة نقلوها إلى الثغر وشرعوا في عملها بقسماطًا فكثر اللغط بمصر بسبب ذلك. وفـي عاشـره ورد ططـري مـن البـر وقابجي من البحر ومعهما مكاتبات قرئت بالديوان يوم الخميس ثاني عشرة مضمونها طلب الخزائن المنكسرة وتشهيل مرتبات الحرمين من الغلال والصرر في السنين الماضية واللوم على عدم زيارة المدينة. وفيه الحث والوعد والوعيد والأمر بصرف العلوفات وغلال الأنبار. وفيه المهلة ثلاثون يومًا. فكثر لغط الناس والقال والقيل وأشيع ورود مراكب أخر إلى ثغر سكندرية وأن حسن باشا القبطان واصل أيضًا في أثر ذلك وصحبته عساكر محاربون. وفيـه حضـر معلـم ديـوان الإسكندريـة قيل أنه هرب ليلًا ثم أن إبراهيم بك أرسل يستحث مراد بك في الحضور من سد الفرعونية ثم بعث إليه علي أغا كتخدا جاووجان والمعلم إبراهيم الجوهـري وسليمـان أغـا الحنفـي وحسـن كتخـدا الجربـان وحسـن أفندي شقبون كاتب الحوالة سابقًا وأفنـدي الديـوان حـالًا فأحضـروه إلـى مصـر فـي يوم الثلاثاء ولم يتم سد الترعة بعد أن غرق فيها عدة مراكب ومراسي حديد وأخشاب أخذوها من أربابها من غيـر ثمـن وفـرد علـى البلـاد الأموال وقبض أكثرها وذهب ذلك جميعه من غير فائدة. ثم أن الأمراء عملوا جمعيات وديوانًا ببيـت إبراهيـم بـك وتشـاوروا في تنجيز الأوامر. وفي أثناء ذلك تشحطت الغلال وارتفع القمح من السواحل والعرصات وغلا سعره وقل وجوده حتى امتنع بعي الخبز من الأسواق وأغلقت الطوابيـن. فنـزل سليـم أغـا وهجـم المخـازن وأخـرج الغلـال وضرب القماحين والمتسببين ومنعهم من زيادة الأسعار فظهر القمح والخبز بالأسواق وراق الحال وسكنت الأقاويل. وفي هذا الشهر أعني شهر رجب حصلت عدة حريقات منها حريقتان في ليلـة واحـدة. إحداهما بالأزبكية وأخرى بخطتنا بالصنادقية. وظهرت النار من دكان رجل صناديقي وهي مشحونة بالأخشاب والصناديق المدهونة عند خان الجلاية فرعت النار في الأخشاب ووجت في ساعة واحدة وتعلقت بشبابيك الدور وذلك بعد حصة من الليل وهاج الناس والسكان وأسرعوا بالهدم وصب المياه وأحضر الوالي القصارين حتى طفئت. وفيه أيضًا من الحوادث المستهجنة أن امرأة تعلقت برجـل مـن المجاذيـب يقـال لـه الشيـخ علـي البكري مشهور ومعتقد عند العوام وهو رجل طويل حليق اللحية يمشي عريانًا وأحيانًا يلبس قميصًا وطاقية. ويمشي حافيًا فصارت هذه المرأة تمشي خلفه أينما توجـه وهـي بإزارهـا وتخلـط فـي ألفاظهـا وتدخـل معـه إلـى البيوت وتطلع الحريمات واعتقدها النساء وهادوها بالدراهم والملابـس وأشاعـوا أن الشيخ لحظها وجذبها وصارت من الأولياء ثم ارتقت في درجات الذب وثقلت عليها الشربة فكشفت وجهها ولبست ملابس كالرجال ولازمته أينمـا توجـه ويتبعهمـا الأطفال والصغار وهوام العوام ومنهم من اقتدى بهما أيضًا ونزع ثيابه وتخجل في مشيه وقالوا أنه اعترض على الشيخ والمرأة فجذبه الشيخ أيضًا وأن الشيخ لمسه فصار من الأولياء. وزاد الحال وكثر خلفهم أوباش الناس والصغار وصاروا يخطفون أشياء من الأسواق ويصير لهم في مرورهم ضجة عظيمة وإذا جلس الشيخ في مكان وقف الجميع وازدحم الناس للفرجة عليه وتصعد المرأة على دكان أو علوة وتتكلم بفاحش القول ساعة بالعربي ومرة بالتركـي والنـاس تنصت لها ويقبلون يدها ويتبركون بها وبعضهم يضحك ومنهم من يقول الله الله وبعضهم يقول دستـور يـا أسيـادي وبعضهـم يقـول لا تعتـرض بشـيء. فمـر الشيـخ فـي بعـض الأوقـات علـى مثـل هذه الصورة والضجة ودخلوا من باب بيت القاضي الذي من ناحية بين القصرين وبتلك العكفة سكن بعض الأجناد يقال له جعفر كاشف فقبض على الشيخ وأدخله إلى داره ومعه المـرأة وباقي المجاذيب فأجلسـه وأحضـر لـه شيئـًا يأكلـه وطـرد النـاس عنـه وأدخـل المـرأة والمجاذيـب فضربهـم وعزرهـم ثـم أرسـل المـرأة إلـى المارستان وربطها عند المجانين وأطلق باقي المجاذيب بعد أن استغاثـوا وتابـوا ولبسـوا ثيابهـم وطـارت الشربـة من رؤوسهم وأصبح الناس يتحدثون بقصتهم. واستمرت المرأة محبوسة بالمارستان حتى حدثت الحوادث فخرجت وصـارت شيخـة علـى انفرادها ويعتقدها الناس والنساء وجمعت عليها الجمعيات وموالد وأشباه ذلك. وفيه ورد الخبر من الديار الشامية بحصول طاعون عظيم في بلادهم حصل عندهم أيضًا قحط وغلاء في الأسعار. وفـي يـوم الثلاثـي ثاني شهر شعبان ركب سليم أغا في عصريته إلى جامع السلطان حسن بن قالون الذي بسوق السلاح وأحضر معه فعلة وفتح باب المسجد المسدود وهو الباب الكبير الذي من ناحية سوق السلاح فهدموا الدكاكين التي حدثت أسفله والبناء الذي بصدر الباب وكـان مـدة سـده فـي هـذه المـرة إحـدى وخمسيـن سنـة وكـان سببهـا المقتلـة التـي قتل بها الأحد عشر أميـرًا ببيـت محمـد بك الدفتردار في سنة تسع وأربعين وتقدم ذكرها في أول التاريخ. وسبب فتحه أن بعـض أهـل الخطـة تذاكـر مـع الأغـا فـي شأنـه وأعلمـه بحصـول المشقـة علـى النـاس المصليـن فـي الدخـول إليـه مـن بـاب الرمليـة وربمـا فاتهم حضور الجماعة في مسافة الذهاب وأن الأسباب التي سـد البـاب مـن أجلهـا قـد زالـت وانقضـت ونسيـت فاستـأذن سليـم أغا إبراهيم بك ومراد بك في فتحه فأذنا له ففتحه وصنع له بابًا جديدًا عظيمًا وبنى له سلالم ومصاطب وأحضر نظاره وأمرهـم بالصـرف عليـه ويأتـي هو في كل يوم يباشر العمل بنفسه وعمروا ما تشعث منه ونظفوا حيطانه ورخامه وظهر بعد الخفاء وازدحم الناس للصلاة فيه وأتوا إليه من الأماكن البعيدة. وفي يوم الجمعة خامسه توفي مصطفى بك المرادي المجنون. وفي عشرين شعبان كثر الأرجاف بمجيء مراكب الإسكندرية وعساكر وغير ذلك. وفي يوم السب خامس رمضان حضر واحد أغا من الديار الرومية وعلى يده مكاتبة بالحث علـى المطلوبـات المتقدم ذكرها فطلع الأمراء إلى القلعة ليلًا واجتمعوا بالباشا وتكلموا مع بعضهم كلامًا كثيرًا وقال مراد بك للباشا: ليس لكـم عندمـا إلا حسـاب أمهلونـا إلـى بعـد رمضـان وحاسبنا على جميع ما هو في طرفنا نورده وأرسل إلى من وصل الإسكندرية يرجعون إلى حيث كانوا وإلا فلا نشهل حجًا ولا صرة ولا ندفع شيئًا. وهذا آخر الكلام كل ذلك وإبراهيم بك يلاطف كلًا منهما ثم اتفقوا على كتابة عرضحال من الوجاقلية والمشايخ ويذكر فيه أنهم أقلعوا وتابوا ورجعوا عن المخالفة والظلم والطريق التي ارتكبوها وعليهم القيام باللوازم وقرروا علـى أنفسهـم مصلحـة يقومون بدفعها لقبطان باشا والوزير وباشة جدة وقدرها ثلثمائة وخمسون كيسًا وقاموا على ذلك ونزلوا إلى بيوتهم. وفـي ليلـة الاثنيـن جمـع إبراهيـم بـك المشايـخ وأخبرهـم بذلـك الاتفـاق وشرعـوا فـي كتابة العرضحالات أحدها للدولة وآخر لقبطان باشا بالمهلـة حتـى يأتـي الحـواب وآخـر لباشـة جـدة الـذي فـي الإسكندرية. وفي صبحها وردت مكاتبة من أحمد باشا الجزاء يخبر فيها بالحركة والتحذير وأخبار بورود مراكب أخرى بإسكندرية ومراكب وصلت إلى دمياط فزار اللغط والقال والقيل. وفيه ركب سليم أغا مستحفظان ونادى في الأسواق على الأروام والقليونجية والأتراك بأنهم يسافرون إلى بلادهم ومن وجد منهم بعد ثلاثة أيام قتل. وفيه اتفق رأي إبراهيم بك ومراد بك أنهم يرسلون لاجين بك ومصطفى بك السلحدار إلى رشيـد لأجـل المحافظـة والاتفـاق مـع عـرب الهانـدي ويطلبون أحمد باشا والي جدة ليأتي إلى مصر ويذهب إلى منصبه. فسافروا فـي ليلـة الخميـس عاشـر رمضـان. وفـي تلـك الليلـة ركـب إبراهيـم بـك بعد الإفطار وذهب إلى مراد بك وجلس معه ساعة ثم ركبا جميعًا وطلعا إلى القلعة وطلع أيضًا المشايخ باستدعاء من الأمراء وهم الشيخ البكري والشيخ السادات والشيخ العروسـي والشيـخ الدرديـر والشيـخ الحريـر وقابلـوا الباشـا وعرضـوا عليـه العرضحالـات. وكـان المنشـئ لبعضها الشيخ مصطفى الصاوي وغيره فأعجبهم إنشاء الشيخ مصطفى وأمروا بتغيير ما كان مـن إنشـاء غيـره. وانخضع مراد بك في تلك الليلة للباشا جدًا وقبل أتكه وركبتيه ويقول له: يا سلطانـم نحـن فـي عرضـك فـي تسكيـن هـذا الأمـر ودفعـه عنـا ونقوم بما علينا ونرتب الأمور وننظم الأحوال على القوانين القديمة. فقال الباشا: ومن يضمنكم ويتكفل بكم قال: أنا الضامن لذلك ثم ضماني على المشايخ والاختيارية. وفـي ليلـة الأحـد ثالـث عشرة وصلت الأخبار بوصول حسن باشا القبطان إلى ثغر الإسكندرية وكان وصوله يوم الخميس عاشره قبل العصر وصحبته عدة مراكب فـزاد الاضطـراب وكثـر اللغط. فتمموا أمر العرضحالات وأرسلوها صحبة سلحـدار الباشـا والططـري وواحـد أغـا ودفعوا لكل فرد منهم ألف ريال وسافروا من يومهم. وفيه وردت الأخبار بأن مشايخ عرب الهنادي والبحيرة ذهبوا إلى الإسكندرية وقابلوا أحمد باشا الجداوي فألبسهم خلعًا وأعطاهم دراهم وكذلك أهل دمنهور. وفيه حضر صدقات من مولاي محمد صاحب المغرب ففرقـت علـى فقـراء الأزهـر وخدمـة الأضرحة والمشايخ المفتين والشيخ البكري والشيخ السادات والعمريين على يد الباشا بموجب وفي يوم الثلاثاء حضر مصطفى جربجي باش سراجين مراد بك سابقًا وسردر ثغر رشيد حـالًا وكـان السبـب في حضوره أنه حضرت إلى رشيد أحد القباطين وصحبته عدة وافرة من العسكر فطلع إلى بيت السردار المذكور وأعطاه مكاتبة من حسن باشا خطابًا للأمراء بمصر وأمره بالتوجه بها فحضر بتلك المكاتبة مضمونها التطمين ببعض ألفاظ. وفيه اتفق رأي الأمراء على إرسال جماعة من العلماء والوجاقلية إلى حسن باشا فتعين لذلك الشيـخ أحمـد العروسـي والشيخ محمد الأمير والشيخ محمد الحريري ومن الواجقلية اسمعيل أفندي الخلوتـي وإبراهيـم أغـا الوردانـي وذهب صحبتهم أيضًا سليمان بك الشابوري وأرسلوا صحبتهم مائة فرد بن ومائة قنطار سكر وعشر بقج ثياب هندية وتفاصيل وعودًا وعنبرًا وغير ذلك فسافروا في يوم الجمعة ثامن عشر رمضان على أنهم يجتمعون به ويكلمونه ويسألونه عن مراده ومقصده ويذكرون له امتثالهم وطاعتهم وعدم مخالفتهم ورجوعهم عمـا سلـف مـن أفاعيلهـم ويذكرونه حال الرعية وما توجبه الفتن من الضرر والتلف. وفـي يـوم السـب حضـر تفكجـي باشـا مـن طـرف حسن باشا وذهب إلى إبراهيم بك وأفطر معه وخلـع عليـه خلعـة سمور وأعطاه مكاتبات وكان صحبته محمد أفندي حافظ من طرف إبراهيم بـك أرسلـه الأمـراء قبـل بأيام عندما بلغهم خبر القادمين ليستوعب الأحوال ثم أن ذلك التفكجي جلـس مـع إبراهيـم بـك حصـة مـن الليـل وذهـب إلـى محلـه وحضـر علي أغا كتخدا الجاويشية فركب مع إبراهيم بك وطلعا إلى الباشا في سادس ساعة من الليل ثم نزلا وسافر التفكجي في صبحهـا وصحبتـه الحافـظ. وكـان فيمـا جـاء بـه ذلك التفكجي طلب إبراهيم بك أمير الحاج فلم يرض بالذهاب وكان لا جين بك ومصطفى بك لما سافرا للمحافظة بعد التوبة بيومين فعلوا أفاعيلهم بالبلاد وطلبوا الكلف وحرقوا وردان فضجت أهالي البلاد وذهبوا إلى عرضي حسن باشا وشكوا ما نزل بهم فأخذ بخواطرهم وكتب لهم فرمانًا برفع الخراج عنهم سنتين وأرسل مع ذلك التفكجي العتاب واللوم في شأن ذلك. وفـي تلـك الليلـة ذهـب سليـم أغـا إلـى ناحيـة بـاب الشعريـة وقبـض علـى الحافـظ اسحـق وأخذه على صـورة أربـاب الجرائم من أسافل الناس وذهب به إلى بولاق فلحقه مصطفى بك الإسكندراني ورده. وفـي يـوم الاثنيـن وصلـت الأخبار بورود حسن باشا إلى ثغر رشيد يوم الأربعاء سادس عشرة وأنه كتب عدة فرمانات بالعربي وأرسلها إلى مشايخ البلاد وأكابر العربان والمقادم وحق طريق المعينيـن بالفرمانات ثلاثون نصفًا فضة لا غير وذلك من نوع الخداع والتحيل وجذب القلوب مثل قولهم أنهم يقرروا مال الفدان سبعة أنصاف ونصف نصف حتى كادت الناس تطير من الفرح وخصوصـًا الفلاحيـن لمـا سمعوا ذلك. وأنه يرفع الظلم ويمشي على قانون دفتر السلطان سليمان وغير ذلك. وكان الناس يجهلون أحكامهم فمالت جميـع القلـوب إليهـم وانحرفـت عـن الأمـراء المصريـة وتمنـوا سرعـة زوالهـم. وصـورة ذلـك الفرمان وهو الذي أرسل إلى أولاد حبيب من جملة ما أرسل: " صدر هذا الفرمان الشريف الواجب القبول والتشريف من ديوان حضرة الوزير المعظم والدستور المكرم عالي الهمم وناصر المظلوم على من ظلم مولانا العزيز غازي حسن باشـا ساري عسكر السفر البحري المنصور حالًا ودونانمة همايون أيدت سيادته السنية وزادت رتبتـه العليـة إلـى مشايـخ العـرب أولـاد حبيـب بناحيـة دجـوة وفقهـم الله تعالى نعرفكم أنه بلغ حضرة مولانا السلطان نصره الله ما هو واقع بالقطر المصري من الجور والظلم للفقراء وكافة الناس وأن سبـب هـذا خائنـون الديـن إبراهيم بك ومراد بك وأتباعهم فتعينا بخط شريف من حضرة مولانا السلطان أيده الله بعساكر منصورة بحرًا لدفع الظلم ولإيقاع الانتقام من المذكورين وتعين عليهم عساكـر منصـورة بـرًا بسـاري عسكر عليهم من حضرة مولانا السلطان نصره الله وقد وصلنا إلى ثغر إسكندرية ثم إلى رشيد في سادس عشر رمضان فحررنا لكم هذا الفرمان لتحضروا تقابلونا وترجعوا إلى أوطانكم مجبورين مسرورين إن شاء الله تعالى فحين وصوله إليكم تعملوا بـه وتعتمـدوه والحـذر ثـم الحذر المخالفة وقد عرفناكم ". ثم أن الأمراء زاد قلقهم واجتمعوا في ليلتهـا ببيـت إبراهيـم بك وعملوا بينهم مشورة في هذا الأمر الذي دهمهم وتحققوا اتساع الخرق والنيل آخذة في الزيادة فعند ذلك تجاهروا بالمخالفة وعزموا على المحاربة واتفق الرأي على تشهيـل تجريـدة وأميرهـا مـراد بـك فيذهبـون إلـى جهـة فـوة ويمنعون الطريق ويرسلون إلى حسن باشا مكاتبـات بتحريـر الحسـاب والقيـام بغلـاق المطلـوب ويرجـع مـن حيث أتى. فإن امتثل وإلا حاربناه وهذا آخر الكلام. ثم جمعوا المراكب وعبوا الذخيرة والبقسماط وذلك كله في يوم الثلاثاء والأربعاء ونقلوا عزالهم ومتاعهم من البيوت الكبار إلى أماكن لهم صغار جهة المشهد الحسيني والشنواني والأزهر وعطلوا القناديل والتعاليق المعدة لمهرجان رمضان وزاد الإرجاف وكثر اللغط ولاحت عليهم لوائح الخذلان ورخص أسعار الغلال بسبب بيعهم الغلال المخزونة عندهم. وفـي يوم الخميس رابع عشرينه خرج مراد بك والأمراء المسافرون معه إلى ناحية بولاق وبرزوا خيامهم وعدوا في ليلتها إلى برانبابة ونصبوا وطاقهم هناك. وتعين للسفر صحبة مراد بك مصطفـى بـك الداووديـة الـذي عـرف بالإسكندرانـي ومحمـد بـك الألفـي وحسين بك الشفت ويحيى بك وسليمان بك الأغا وعثمان بك الشرقاوي وعثمان بك الأشقر وركب إبراهيم بك بعد المغـرب وذهب إليهم وأخذ بخاطرهم ورجع فأقاموا في برانبابة يوم الجمعة حتى تكامل خروج العسكـر وأخـذ مـراد بـك مـا احتاجـه مـن ملائـل الحج جمالًا وبقسماطًا وغيره حتى الذي قبض من مـال الصـرة وأرسلـوا فـي ليلتهـا علـى أغـا كتخـدا الجاويشيـة وسليمـان أغـا الحنفي إلى الباشا وطلبوا منـه الدراهـم التـي كانـوا استخلصوهـا مـن مصطفى بك أمير الحاج وأودعوها عند الباشا فدفعها لهم بتمامها. وفي يوم السب سادس عشرينه سافر مراد بك من برانبابة وأصحب ليكون سفيرًا بينه وبين قبطان باشا. وفي ليلة الاثنين ثامن عشرينه سافر مصطفى بك الكبير أيضًا ولحق بمراد بك. وفـي ليلـة الثلاثـاء حضـر المشايـخ ومـن معهم من ثغر رشيد فوصولا إلى بولاق بعد العشاء وباتوا هنـاك وذهبـوا إلـى بيوتهـم فـي الصبـاح. فأخبـروا أنهـم اجتمعـوا علـى حسـن باشا ثلاث مرات الأولى للسلام فقابلهم بالإجلال والتعظيم وأمر لهم بمكان نزلوا فيه ورتب لهم ما يكفيهم من الطعام المهيـأ فـي الإفطـار والسحـور ودعاهـم فـي ثانـي يـوم وكلمهـم كلمات قليلة وقال له الشيخ العروسي: يـا مولانـا رعيـة مصـر قـوم ضعـاف وبيـوت الأمـراء مختلطة ببيوت الناس. فقال: لا تخشوا من شيء فإن أول ما أوصاني مولانا السلطان أوصاني بالرعية وقال إن الرعية وداعة اللـه عنـدي وأنـا استودعتك ما أودعنيه الله تعالى. فدعوا له بخير ثم قال: كيف ترضون أن يملككم مملوكان كافران وترضونهم حكامًا عليكم يسومونكم العذاب والظلم لماذا لم تجتمعوا عليهم وتخرجوهم من بينكم. فأجابه اسمعيل أفندي الخلوتي بقوله يا سلطانم هؤلاء عصبة شديدو البأس ويد واحـدة. فغضـب مـن قولـه ونهره وقال: تخوفني ببأسهم فاستدرك وقال: إنما أعني بذلك أنفسنا لأنهـم بظلمهـم أضعفـوا النـاس. ثم أمرهم بالانصراف. واجتمعوا عليه مرة ثالثة بعد صلاة الجمعة فاستأذنوه في السفر ثم تركهم يومين وكتب لهم مكاتبات وسلمها ليد سليمان بك الشابوري وأمرهم بالانصراف فودعوه وساروا وأخفيت تلك المكاتبات. وفي غاية رمضان أرسل الباشا عدة أوراق إلى أفراد المشايخ وذكر أنهـا وردت مـن صـدر الدولـة وأمـا العرضحالـات التـي أرسلوهـا صحبـة السلحـدار والططـري فإنهما لما وصلا إلا إسكندرية واطلع عليها حسن باشا حجزها ومنه المراسلة إلى اسلامبول وقال: أنا دستور مكـرم والأمـر مفـوض إلـي فـي أمـر مصـر. وسـأل السلحـدار عن الأوراق التي من صدر الدولة هل أرسلهـا الباشـا إلـى أربابهـا فأخبـره أنـه خـاف مـن أظارهـا فاشتد غضبه على الباشا وسبه بقوله: خائن منافق. فلما رجع السلحدار في تاريخه وأخبر الباشا فعند ذلك أرسلها كما تقدم. وفي ثاني شوال أشيع مرد بك ملك مدينة فوة وهرب من بها من العسكر ووقع بينهم مقتلة عظيمة وأنه أخذ المراكب التي وجدها على ساحلها ثم ظهر عدم صحة ذلك. وفي يوم السبت نزلت الكسوة من القلعة على العادة إلى المشهد الحسيني وركب إبراهيم بك الكبير وإبراهيـم بـك أميـر الحـاج إلـى قراميـدان ونـزل الباشـا كذلـك وأكـد علـى أميـر الحـاج فـي التشهيـل فاعتذر إليه بتعطيل الأسباب فوعده بالمساعدة. وفي يوم الأحد أشاعوا إشاعة مثل الأولى مصطنعة وأظهروا البشر والسرور وركب إبراهيم بـك فـي ذلـك اليـوم وذهـب إلـى الشيـخ البكـري وعيـد عليـه ثـم إلـى الشيـخ العروسـي والشيـخ الدرديـر وصـار يحكـي لهـم. وتصاغـر فـي نفسـه جـدًا وأوصاهـم علـى المحافظـة وكـف الرعيـة عـن أمر يحدثوه أو قومة أو حركة في مثل هذا الوقت فإنه كأنه يخاف ذلك جدًا وخصوصًا لمـا أشيـع أمـر الفرمانات التي أرسلها الباشا للمشايخ وتسامع بها الناس. وفي وقت ركوب إبراهيم بك من بيت الشيخ البكري حصلت زعجة عظيمة ببركة الأزبكية وسببها أن مملوكًا أسود ضرب رجلًا من زراع المقاتي فجرحه فوقع الصياح من رفقائه واجتمع عليه خلق كثير من الأوباش وزاد الحال حتى امتلأت البركة من المخلوقات وكل منهم يسأل عن الخبـر من الآخر ويختلقون أنواعًا من الأكاذيب. فلما رجع إبراهيم بك إلى داره أرسل من طرد الناس وفحصوا عن أصل القضية وفتشوا على الضارب فلم يجدوه فأخذوا المضروب فطيبوا خاطره وأعطوه دراهم. وفيـه أرسـل مـراد بـك بطلـب ذخيـرة وبقسمـاط وركـب أيـوب بك الصغير وذهب إلى مصر العتيقة وعثمان بك الطنيرجي إلى بولاق ونزلوا جملة مدافع ومناه الغضبان وأبو مايلة وكان أيوب بك هذا متمرضًا مدة شهور ومنقطعًا في الحريم فغرق وشفي في ساعة واحدة. وفي يوم الاثنين كان مولد السيد أحمد البدوي ببولاق وكراء مشايخ الأشاير المراكب ليسافروا فيها فأخذوها بأجمعها لأجل الذخيرة والمدافع ووسقوها وأرسلوا منها جملة. وفي ليلة الثلاثاء حضرت مراكب من مراكب الغائبين وفيها مماليك ومجاريح وأجناد وأخبروا بكسـرة مـراد بـك ومـن معـه وأصبـح الخبـر شائعًا في المدينة وثبت ذلك ورجعت المراكب بما فيها وأخبـروا عمـا وقـع وهـو أنـه لمـا وصـل مـراد بـك إلى الرحمانية عدى سليمان بك الأغا وعثمان بك الشرقـاوي والألفـي إلـى البـر الشرقـي فحصل بينهم اختلاف وغضب بعضهم ورجع القهقرى فكان ذلـك أول الفشـل. ثـم تقدمـوا إلـى محلة العلويين فأخلوا منها الأروام فدخلوا إليها وملكوها وأرسلوا إلـى مـراد بـك يطلبـون منـه الإمـداد فأمـر بعض الأمراء بالتعدين إليهم فامتنعوا وقالوا نحن لا نفارقك ونموت تحت أقدامك فحنق منهم وأرسل عوضهم جماعة من العرب ثم ركبوا وقصـدوا أن يتقدموا إلى فوة فوجدوا أمامهم طائفة من العسكر ناصبين متاريس فلم يمكنهم التقدم لوعر الطريق وضيق الجسر وكثرة القنى ومزارع الأرز فتراموا بالبنادق فرمح سليمان بك فعثر بقناة وسقـط فحصلـت فيهـم ضجـة وظنوهـا كسـرة فرجعـوا القهقـرى ودخـل الرعب في قلوبهم ورجعـت عليهـم العـرب ينهبونهـم. فعـدوا إلى البر الآخر وكان مراد بك مستقرًا في مكان توصل إليه من طريق ضيقة لا تسع إلا الفارس بمفرده فأشاروا عليه بالانتقال من ذلك المكان وداخلهم الخوف وتخيلوا تخيلات. وما زالوا في نقض وإبرام إلى الليل ثم أمر بالارتحال فحملوا حملاتهم ورجعوا القهقرى وما زالوا في سيرهم وأشيع فيهم الانهزام وتطايرت الأخبار بالكسرة وتيقن الناس أن هذا أمر إلهي ليس بفعل فاعل. وفي ذلك اليوم حصلت كرشة من ناحية الصاغة وسببها عدب مملوك أراد الركوب على حمار بعض المكارية فازدحموا عليه الحمارة ورمحوا خلفه فصارت كرشة ورمحت الصغار فأغلقوا الدكاكين بالأشرفية والغورية والعقادين وغير ذلك ثم تبين أن لا شيء ففتح الناس الدكاكين. وفي ذلك اليوم حضر أنا من المماليك مجاريح وزاد الأرجاف فنزل الباشا وقت الغروب إلى بـاب العـزب وأراد إبراهيـم بـك أن يملـك أبواب القلعة فلم يتمكن من ذلك. وأرسل الباشا فطلب القاضـي والمشايـخ فطلـع البعـض وتأخـر البعـض إلـى الصباح وباب السيد البكري عند الباشا بباب العزب وكان له بها مندوحة ذكرها بعد ذلك الباشا لحسن باشا وشكره عليها وأحبه وذهب للسلام عليه عند قدومه دون غيره من بقية المشايخ فلما أصبح نهار الأربعاء طلعوا بأجمعهم وكذلك جماعة الوجاقلية ونصب الباشا البيرق على باب العـزب ونـزل جاويـش مستحفظـان وجاويش العزب وأمامهم القابجية والمناداة على الألضاشات وغيرهم وكل من كـان طائعـًا للـه وللسلطان يأتي تحت البيرق فطلع عليه جميع الألضاشات والتجار وأهل خان الخليلي وعامة الناس وظهرت الناس المخفيون والمستضعفون والذين أنحلهم الدهر والذي لم يجد ثيـاب زيـه استعـار ثيابًا وسلاحًا حتى امتلأت الرميلة وقراميدان من الخلائق وأرسل محمد باشا يستحث حسن باشا في سرعة القدوم ويخبره بما حصل وكان قصد حسن باشا التأخر حتى يسافر الحاج وتأتي العساكر البرية فاقتضى الحال ولزم الأمر في عدم التأخر. وأما إبراهيم بك فإنه اشتغل في نقل عزاله ومتاعه بطول الليل في بيوته الصغار فلم يترك إلا فرش مجلسه الذي هو جالـس فيـه ثـم إنـه جلـس ساعـة وركـب إلـى قصـر العينـي وجلـس به. وأما إبراهيم بك أمير الحج فإنع طلع إلى باب العزب وطلب الأمان فأرسل له الباشا فرمانًا بالأمان وأذن له في الدخول وكذلك حضر أيوب بك الكبير وأيوب بك الصغير وكتخدا الجاويشية وسليمان بك الشابوري وعبد الرحمن بك عثمان وأحمد جاويش المجنون ومحمد كتخدا أزنور ومحمد كتخدا أباظة وجماعة كثيرة من الغز والأجناد وكذلك رضوان بك بلفيا فكان كل من حضر لطلب الأمان فـإن كـان مـن الأمـراء الكبـار فإنـه يقـف عنـد البـاب ويطرقه ويطلب الأمان ويستمر واقفًا حتى يأتيه فرمان الأمان ويؤذن له في الدخول من غير سلاح وإن كان من الأصاغر فإنه يستمر بالرميلة أو قراميدان أو يجلس على المساطب. فلما تكامل حضور الجميع أبرز الباشا خطًا شريفًا وقرأه عليهم وفيه المأمورات المتقدم ذكرها وطلب إبراهيم بك ومراد بك فقط وتأمين كل من يطلب الأمان. واستمـر أمير الحج على منصبه ثم إنه خلع على حسن كاشف تابع حسن بك قصبة رضوان وقلده أغاة مستحفظان وخلع على محمد كتخدا أزثـور وقلـده الزعامـة وقلـد محمـد كتخـدا أباظة أمين احتساب ونزلوا إلى المدينة ونادوا بالأمان والبيع والشراء وكذلك نزل الأمراء إلى دورهـم مـا عـدا إبراهيم بك أمير الحاج فإن الباشا عوقه عنده ذلك اليوم. وكذلك أذنوا للناس بالتوجه إلى أماكنهم بشرط الاستعداد والإجابة وقت الطلب ولم يتأخـر إلا المحافظـون علـى الأبـواب. وأمـا مـراد بـك فإنـه حضـر إلـى برانبابة واستمر هناك ذلك اليوم ثم ذهب في الليل إلى جزيرة الذهب وركب إبراهيم بك ليلًا وذهب إلى الآثار. وفي عصر ذلك اليوم نزل الآغا ونبه على الناس بالطلوع إلى الأبواب. وفيـه حضـر سليمـان بك الأغا وطلب الأمان فأعطوه فرمان الأمان وذهب إلى بيته وأصبح يوم الخميس فنزلت القابجية ونبهت على الناس بالطلوع فطلعوا واجتمعت الخلائق زيادة على اليوم
|